من المؤسف ان تكون سمات كالانقسام، الكراهية، عدم احترام
الرأي الاخر، انعدام الثقة، سوء الظن، الاستئثار بالسلطة، اضطهاد الحريات، التخلف،
تفكك البنية الاجتماعية، وعدم النزاهة سماتً باتت طاغية على المشهد العراقي سواء
على الصعيد السياسي، الاقتصادي، او الاجتماعي.
الكل يثير الاتهامات للكل، والكل يتداول نفس المعاناة
والشكاوى التي لا تنتهي. وقد اعتاد الكل ان يلقي بكل همومه على الحكومة كلما سمحت
الظروف بذلك. لا اقصد حكومة بعينها، ولكن اقصد ان الناس اعتادت على عدم التفكير
بمشاكلها واصبحت تبحث عن من تحمله مسؤلية معاناتها المستمرة. لا اخلي مسؤلية
الحكومات المتتالية عن التقصير في شتى المجالات، ولكن من باب آخر لا انكر ان
الحكومة هي جزء من هذا المجتمع وان ما تقوم به هو جزء من السلوك الاجتماعي السائد.
هي ازمة فعليه، ان يعجز الجميع عن تحديد المشكلة، فضلا
عن ايجاد الحلول لها. ليس من ادبيات مجتمعنا ان يتحمل مسؤلية مشكلة من المشاكل،
وانما الشائع تحديد المشكلة –الظاهرة- والالقاء بمسؤليتها على فرد او مجموعه اخرى –بالتاكيد
ليست المجموعة التي ينتمي لها ذلك الفرد-. وهذا ما يجعلنا منقسمين اكثر من قومياً
او طائفياً، فهناك فئويه خطيرة تركت العراق اشبه بمكان موبوء يعجز عن علاجه العقلاء.
وباء تاريخي، شخصه الجميع، ولعنه، ولكن لم يكن ليوجد من يؤسس للتخلص منه.
الازدواجية، هي سمة اخرى شخصها العديد من علماء الاجتماع
العراقيين، فلاغلبنا ظاهر وباطن، يتبادل الحب والكراهية المواقع فينا حسب المقام
والحضور، وليس لانفسنا امامنا من قدر.
اغلبنا يتطلع الى السيطرة وحب الظهور –من اجل خير
الاخرين طبعاً-، ولكن الامر ينتهي دائما باضطهاد الاخرين –من اجل مصلحتهم طبعاً-.
متى نتجاوزنا ذواتنا؟ ونسعى لحياة كريمة بعيدا عن
الكراهية والانقسام. متى يعمل الجميع على تغيير واقعه، بدأ بنفسه، بيته، اهله؟ متى
ييقن الجميع ان حياة افضل هو امر ممكن فعلا؟ بعيداً عن الخصام والنزاع.