Monday, May 30, 2011

رصد العائدات .. الى أين؟

موضوع رصد العائدات من المواضيع المهمة في الساحة العراقيةاليوم، وقد عملت في كثير من الشركات والمنظمات، وانا على يقين ان اغلب شركاتنا المحلية ليست على علم بالمتحقق المالي لأعمالهم، لأنهم يعملون "على حب الله"، وليس من

ضرورة الى التخطيط او التقارير المالية التي اما ستكون مدعاة للقلق او لعيون الحاسدين. ولا تختلف الجهات الحكومية كثيرا عن ذلك رغم وجود نظام حسابي يعمل بموجبه منذ السنين الغابرة القصد من ورائه إبراء ذمة الموظفين العاملين فيها وليس أمرا آخر من أمور التقييم والسيطرة، وغالبا ما يتم الالتفاف على هذا النظام بأساليب وحيل باتت معروفة للجميع.

بعد صدور التقرير الدوري لمنظمة الشفافية العالمية لسنة 2009، والذي يصنف دول العالم حسب شفافيتها، احتل العراق التسلسل 176 من 180 دولة. يعني انه خامس اسوأ دولة ضمن الدول التي شملها التقرير. وكرد فعل (إيجابي) تقدمت الحكومة العراقية بطلب للانضمام الى مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، وافق مجلس المبادرة على قبول العراق كبلد (مرشح) بتارخ 10 شباط 2010. وسوف يدقق اداء الحكومة العراقية في هذا الملف من حيث الالتزام بالحد الأدنى من المعايير والمبادئ الأساسية للمبادرة في شباط 2012.

بهذا الاتجاه يعمل معهد رصد العائدات النرويجي RWI بمساعدة وتمكين أطراف عديدة من منظمات المجتمع المدني والاتحادات للمساهمة في مراقبة الأداء الحكومي في هذا الجانب، فحسب المبادرة يتوجب على الجهات الحكومية المعنية على نشر تفاصيل العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية والتقارير المالية المترتبة عليها، إضافة الى نشر الشركات الأجنبية عينها لتقاريرها المالية المتعلقة بالمدفوعات، ثم يصار الى مطابقة التقارير الصادرة من الجهتين من قبل جهات تدقيق دولية محايدة وبإشراف منظمات المجتمع المدني المحلية.

الآن تعمل العديد من منظمات المجتمع المدني العراقي سوياً لتأخذ جانبا من هذه العملية، فهل ستفلح في كشف المستور؟ لا أريد أن أكون متفائلا، لأن الحكومات مثلها مثل الشركات الكبرى لديها باع طويل في عدم الشفافية، الأمر الذي يجعلها تعمل بمنأى عن المحاسبة، لأن كشف العائدات المتأتية عن تصدير النفط والغاز وبقية الموارد الاستخراجية سيكون الأساس في مراقبة الإنفاق الحكومي وأولوياته. ولا أريد أن أكون متشائما، لأن تحقيق مبادئ الشفافية أمر ليس بالمستحيل، وانه سيعود على الجميع بالنجاح.

في تصوري ان المرحلة المقبلة للعراق ستكون مرهونة بالأداء الاقتصادي بشكل رئيس، والأداء الاقتصادي يتطلب فسح المجال أمام العناصر والمؤسسات التي تمتلك خبرات اقتصادية وطنية كانت أم اجنبية. فالتجربة أثبتت أن نية القائمين على إدارة الحكومة هي الأساس في الاستعانة بالخبرات من أجل تنمية أفضل، ولغاية الآن لا أحد يعلم بمكنون النوايا لدى أصحاب القرار في العراق وسط كل هذه التجاذبات السياسية التي لم يتضح منها سوى الرغبة في الاستحواذ على السلطة والنفوذ رغم فزاعة الديمقراطية التي يختبئ الجميع خلفها.

وفي رأيي المتواضع، ان الفرصة لا زالت سانحة لبناء عراق متقدم، اذا ما كانت النوايا مؤتلفة باتجاه واحد.

No comments: